الأربعاء، 11 يناير 2012

لعيون عليا...

أسمّيه باسمِك يا أمّي, عسى وعلّ يوماً أجزيكِ ولو بقليلٍ إحسانك.
ربما يقرأه بعض الأصدقاء, عشرات, مئات, أو ربما آلاف... ولو قرأه الملايين فلن أجزيكِ ولو جزءً بسيطاً من حقّ وصفكِ...يا عليا.
فترحموا عليها أرجوكم لعلّي أرقى لمستوً أستطيع وصفها...أمّي.

أمّي, لقد أُغلق من بعدكِ بابٌ من أبواب الجنّة فعصفت بنا رياح الدّنيا ونخرت عظامنا, وأصاب أهلك داءٌ لا شفاء له.
أمّي, إني أنانيّ حزنكِ, أشعر أنْ لا أحدا فقدكِ غيري, فلأكن منصفاً, لا أحد فقدكِ مثلي... بل لا أحد فقد مثلما فقدت.

سُرقتِ منّي بيومٍ وليلةٍ, كنت حينها قد أمضيت ربع قرنٍ معكِ ولكِ و بكِ.. بعدكِ صرتُ بعمر قرونٍ -هرماً- بل ربما أكثر. 
هل كان قلبي مختصٌّ بحبّكِ؟ ولماذا لم يعيشكِ هكذا وأنتِ على قيد الحياة؟ ربما اكتشف قلبي أنّه كان لكِ. اكتشف هذا من بعدكِ.
كيف سأقول لغيركِ... "أحبّكِ".. وهل قلتها لكِ بما يكفي أن أبدأ قولها لغيركِ؟

ليست أوّل مرة أكتبكِ وأكتب فخري وحزني بكِ.. لكنني كنت أمنع نفسي عن نشر أي شيء دون مراجعتكِ ومباركتكِ وانتقادك.
 
لكنّكِ ذهبتِ لتتركينني وحدي.. لأغيّر كتابتي, قراءتي, ثقافتي... لأغيّر كل شيء بحياتي من بعدكِ.
أعيش كل يوم تلك الأيام الخوالي... عندما تعلمتُ منكِ حبّ الشعر؛ أبو علاء المعرّي ب"رسالته", البوصيري ب"بردته", وأحمد شوقي ب"نهجه", وغيرهم.
ولا أنسى أنّكِ تركتني بعدها لأمشي طريقي وأبدأ من دونك بعرار وجبران وإيليا ونزار و أحلام. 
هل تركتني لاشقّ طريقي وحدي وقد كنتُ مبتدأً لترين أين سأصل من غيركِ؟ وأي مقارنة هذه التي ما أنزل الله بها من سلطان. وأنا أُعلنها لكِ أنني أبدّل كل ثقافتي وأدبي وعلمي وحياتي بلحظة أعيشها في حضنكِ يا أمّي.

دمعي تناثر على مدى أربع سنوات... أحلامي تبعثرت في الكثير من الطرقات... أيّ نظامٍ كنتِ تفرضينه دون حتى أن أسمعكِ ترفعين صوتكِ -الجميل- يوماً عليّ؟ أيّ عبقرية تلك التي كانت تشبه بهدوءها بحر عميق لا أحد يعلم كم يخبّيء لنا من كنوز وثروات؟ 
موتكِ جاء ليحرمني من فنجان قهوةٍ على أنغام فيروز تصيح من مذياع مطبخكِ... لتحرمني ساندويشة صباحية بطعم الحب...لتحرمني كأساً من الشاي الدافيء بحنانكِ وشوقي لكِ.

لم أدرِ أنّي كنتُ مجنونكِ إلا بعدما فقدتكِ... يا أمّي. ومن سيفرح لي غيركِ؟ من تبقّي لي من أهلي.
سأبقى أكتبكِ يا أمّي ما حييت, علّه يوما من يأتي ويكتب على قبري: رحمكَ الله.....ورحم أمّك عليا.

                                                                                      إبنكِ المشتاق مصطفى

هناك 25 تعليقًا:

  1. ان كان للدمع لحن...فانت مصيبه وانما بالامل...يا من اصطفى الحروف لأمه عليا وتتابع بالذكرى لها...سطر الرضا...سطر الشوق... الذي ما انتهى...رددت له ولها الحروف الدعاء والاماني بأن يا خالق اسكنها ومن احببت وجاورت الجنان الجنان...بسمة تنالها انت لها ...كلما ذكرتها بصيغة انت ربما وصفتها بالاحزان...وانما هي ذكرى تعيش مراراً وتكراراً بك واهل بيتك....رحمها الله واياك.

    ردحذف
  2. شكرا علي.. الله يوفقك وما تفقد غالي بعون الله

    ردحذف
  3. الرحمة لها والصبر لكم، في عليين حيث أبدية السرور وديمومة الفرح

    ردحذف
  4. حروف تشابكت مع بعضها بحبل الدمع و الشوق

    جميل .. بألم

    و لكنها حال الدنيا يا صديقي، حال الدنيا

    رحمها الله رحمة واسعة و جمعكم بها في عليين

    -----
    إدراج أول من كثير كما آمل :)

    ردحذف
  5. قرأت ما كتبت، فشكرتك روح أمي رحمها الله على تكثيف دعائي لها بالرحمة، وشكرتك عيناي لارتوائهما من دمعي بعد اشتياق. رحم الله أمهاتنا أجمعين

    ردحذف
  6. صديقي مصطفى....أسأل الله أن يرحمها و يسكنها فسيح جناته
    لامست ما بداخلي.. و أشعلت حنينا كانت قد أطفأته الإختبارات ..
    كم أنت رائع يا صديقي و كم هي رائعة كتاباتك..
    أدمعت عيناي..
    تقبل مروري
    غيث الزغول
    3anjarawi

    ردحذف
  7. شكرا لكم جميعا...إذا كنت قد آلمتكم بكتابتي فأنا أعتذر منكم أخواتي وإخوتي...
    من كانت أمّه على قيد الحياة فأنا أوصيه خيرا بوالدته -وعذرا على تطفلي بخصوصياتكم- وأن يلزم قدميها... حفظكم الله وحفظ أحبائكم وأعزائكم لكم

    ردحذف
  8. http://www.youtube.com/watch?v=YjpjZdjhcDY

    لعيون عليا. . . . .
    من لم ياكل من مكدوس وزيتون عليا ولم يشاركك سفرة اعدتها بطيبتا ودف قلبها . . . لن يشعر معك من هي عليا
    من لم يكن مريضا وشرب ذات مرة كاسا من الزنجبيل بالورد والحنان . . . . لن يعرف من هي عليا
    من لم يستشعر رائحة الود في بيت عليا. . . . لن يحس بفقدان عليا


    رحمك الله صديقي ورحم امي وامك عليا , كانت حاضرة حاضرة وهي الان غائبة حاضرة وخير من الكثر من الحاضرون الغائبون

    انا شاهدك الوحيد واكثر الناس معرفتا بما صرت علية من رحيلها
    غادر شابا بربع قرن وعد وكانك تحمل الدنيا ومثلها على كتفك بعشرين قرنا .

    رحمها الله لا زلت أمل الى اليوم انتضر خروجها من ذلك الباب او ردها على الهاتف لتسلم وتباركنا بدعائها.
    رحمها الله ورحمك الله انت ايضا . . . بعد غيابها من سيفرح كما ستفرح هي لك ؟!؟!؟!؟

    ولكن صديقي تقين انها ما برحت تترك مكانها من جانبك
    تحدث اليها. . . واشكو همك اليها . . .واسألها النصح . . . .فهي وان غادر كل الوجود حبك لها يحيي وجودها داخلك .

    جعلتني اسبح عميقا في بحر دموعك التي اختلطت بدموعي .

    ردحذف
  9. لا بد للصيف من نهاية لتبدأ بفصل شتاء جديد وأمطار غزيرة قد تحمل كل ذلك الحزن والأسى من لوعة الفراق ولكنها تترك ما يحيي الأرض بعد موتها...جعل الله جنات الخلد مثواها

    ردحذف
  10. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  11. الله يرحمها و يحسن اليها, شعر بدني وقف وانا عم بقرأ.. عنجد الواحد ما بعرف ان بحب حد الا لما يفقدو كلامك كتييير راقي و بستاهل انو ينُشر في احسن جريدة في العالم.. الله يصبركم يا رب..
    صديقك حرزالله..

    ردحذف
  12. الله يرحم روحها الطاهرة... ويجعل مثواها الجنة أخوي مصطفى

    كلمات واضح جداً إنها من الصميم.... رب إغفر لها ذنبها ....

    ردحذف
  13. شكرا جميعا على كلماتكم الراقية وعلى مشاعركم العظيمة التي -دون مجاملة أو مبالغة- خففت عني كثيرا... وفقكم الله وحفظكم وحفظ أحبابكم..
    ...
    زياد, أنت كنت الصديق المميز بين أصدقائي بالنسبة لأمّي, فأعزّيك كما أعزّي نفسي... وأنا أعلم أنني المميز عند أمّك فليحفظها الله لي كما لك.

    ردحذف
  14. مرحبا بك فى عالم التدوين

    بوست مميز

    تسلم علية

    مع خالص تحياتى

    ردحذف
  15. الله يارب يرحمها ويغفرلها ويحسن إليها يارب
    ويصبرك على بعادها

    أكيد روحها حوليك عم بتحوم
    :)

    صباحك خير,, أهلا وسهلا فيك بيناتنا

    ردحذف
  16. الف رحمة ونور عليها ,,,

    وباذن مثواها الجنة ...

    وحياك الله في مجتمع المدونيين ...

    وان شاء الله تثبت على الحق والخير

    ردحذف
  17. بتشرف بكم جميعا, وشكرا على مشاعركم الجميلة... الله يحفظ أحبابكم..
    ....
    يا حفرة يسقي ثراها الغماما...مزنٍ من الـرحمة علـيها يصبّون
    جعل البختري والنـفل والخزاما...ينبت على قبرٍ به العذب مدفون
    علـيه منّـي كـلّ يـومٍ سلامــا...عدة الحـجيج إلي لبيته يطوفون
    ....
    إن شاء الله أن أكون على قدر مستواكم...وشكرا

    ردحذف
  18. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته اللهم آمين

    لكلماتك وقع وأنين وحنين في النفس فقد تذكر يوم فقدت فيهأمي رحمها الله وأنا في سن العاشرة من العمر ولم أعلم بصعوبة الأمر إلا في اليوم التالي لوفاتها رحمهم الله فهم أغلى ما في الدنيا لدينا

    ردحذف
    الردود
    1. أتمنى لو أستطيع أن أخبر من في الأرض جميعا عن الشعور بفقدان الأم, علّهم يقدّروا ما بأيديهم من أمهاتٍ تستحقّ الواحدة منهنّ أن يصلّى لها لولا الحرام... الحمدلله على كل حال وأتمنى أن يعوّض الله علينا وعليكم

      حذف
  19. رحمها الله واسكنها فسيح جنانه , وجمعك ويإياها في جنان الخلد يا مصطفى .. قل الحمدلله على نعمة الدعاء

    "و ولد صالح يدعو لك "
    بدعاءك الصالح هو ما يرفع من قدرها بإذنه

    بتدوينتك هذه تجعل كل شخص يعيد النظر ب علاقته بأمه وان يمضي وقت اكثر معها لان متل ما بحكو الحياة مش مفرقة بين حي وميت

    جزاك الله كل الخير

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا enas.. حفظ الله أحبابك... والحمدلله على كل حال.
      مشاركاتكم خففت عني كثيرا وأتمنى أن تكون كتابتي هذه أعطت ولو قليلا حقا لأمي علي..رحمها الله

      حذف
  20. اذا فقدت شخصاً عزيز عليك... قد أختطفه الموت منك...
    فهو أمانه وقد أختار الله أمانته...ادعو الله من كل قلبي ان يجمعكم بها في جنات الخلد حيث الحياه الابدية وحيث لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

    ردحذف
  21. أعلم بإحساسك .. لاتوجد كلمات يصف بها المرأ نفسه أمام فقدان والدته
    فقدت والدتي منذ نهاية 2011 على التمام
    ومازلت أتألم من فراقها
    رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
    اللهم اجمعهما مع النبيين والصديقين

    ردحذف
  22. ناديا شكرا.. كلامك مزبوط, هي امانة الله اختار أن يأخذها.. اللهم لا اعتراض..
    أخي بشر, الله يرحمها و يحسن إليها ويجعل مثواها الجنّة.. أتالم لحالك لكنها الدنيا. والله يعوض عليكم ويصبركم

    ردحذف